كلمة ترامب في الاجتماع الدوري السنوي ال ٧٣ للامم المتحدة قبل قليل ، كانت مصداقاً صارخاً للغطرسة والاستكبار .
تميّز الخطاب بلغة استعلائية هجومية وبنَفسٍ طغياني لافت .
حاول خداع الداخل وهو على اعتاب انتخابات نصفية يواجه فيها مخاطر حقيقية ، عندما استعار خطاباً ورسائل تنفخ بالبعد القُطري والمصلحي تحت يافطة امريكا اولاً .
اما على المستوى الدولي ، فقد اتسم الخطاب بالنفاق والازدواجية والمغالطة ، دافع عن اسرائيل وحقها في الوجود وديمقراطيتها الحرة ، وعن ال سعود ودول الخليج التي اهانها ضمنياً عندما كرر ان امنها له ثمن وعليها ان تدفع لِمن يحميها .
تجاوز كارثة اليمن دون المساس بالجناة المدعومين منه ، فيما يخص اوبك واسعار النفط فقد تجاهر بتهديدها مطالباً بخفض اسعار النفط .
عن التجارة مع العالم ، اوضح انه سيواصل سياسة المواجهة والتصدي للصين دون تنازل ، مهما كان .
اهان ترامب ضمنياً جزءاً من اوربا وخاصة المانيا ،وكذا وجه رسائل شديدة غير مسالمة لجيرانه في امريكا الجنوبية واللاتينية وتوعد فنزويلا بشكل صريح ، فيما كان قبل ذلك بقليل يتمشدق بارادة امريكية لاحترام ارادة الشعوب في خياراتها الدينية والمجتمعية والسياسية !
عن كوريا الشمالية حاول ترامب اظهار انه انجز تقدم في الحوار والتصالح معها لكنه في الوقت ذاته جدد تهديدها ومواصلة العقوبات عليها .
سخر ترامب من المحكمة الجنائية الدولية ورفض بمنطق استعلائي مفضوح التعاون او الاستجابة او الانصياع لاية مؤسسات دولية لا تراعي المصالح والرؤية الامريكية !!
اما الملف الابرز الذي ظهر فيه اكثر حدة وشراسة فكان الجزء المتعلّق بايران ، حيث وصفها بالراعي الاول للارهاب في العالم وانها اسواء نظام حكم يقمع شعبه وينهب ثرواته من اجل دعم من اسماهم بمزعزعي الاستقرار في الدول الصديقة لاميركا .
توعد ايران بعقوبات صارمة ومتواصلة ، لم يكرر عبارته السابقة بالسعي لتصفير الصادرات النفطية الايرانية ، الا انه ناشد العالم بمجاراة امريكا لنبذ ايران وكانه يريد تجيش العالم للانقضاض عليها !
في المجموع كان الخطاب على غير ما تبجح به ترامب من انه يريد ارساء الديمقراطية والعدالة واحترام ارادة الشعوب وحريتها ، كان خطاباً فرعونياً بامتياز ، يُنبىء بصدام الارادات واستمرار منهج الابتزاز وفرض الأتاوات كما دشن عهده مع اعراب الخليج .
(( أَوَ لم يعلم أَنّ الله قد أهلك من قبله من القرون مَن هو أشد منه قوة واكثرُ جمعاً ))
(( ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شِيعاً ...... انه كان من المُفسدين ، ونُريد ان نمنّ على الذين أُ ستضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونُمكّن لهم في الارض ...))
صدق الله العظيم .... ذاك منطق الجبابرة والطغاة وهذا منطق الحق وارادة السماء ، والله مع الصابرين .
عامر الحسون
إرسال تعليق
إرسال تعليق