مع الأزمة السياسية الحاصلة بشأن الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، كشف نواب عن وجود عمليات «بيع وشراء» واسعة لبرلمانيين في كتل مختلفة من أجل ضمهم إلى تحالف الكتلة الأكبر، مقابل حصولهم على مبالغ مالية باهضة تصل إلى مليون دولار.
وتصاعدت حدة المنافسة بين تحالف ‹البناء› بزعامة رئيس ائتلاف ‹دولة القانون› نوري الماكي، وتحالف ‹الاعمار والاصلاح› بزعامة العبادي ومقتدى الصدر، فيما تنتظر تلك الكتل حسم الأحزاب الكوردية موقفها والانضمام إلى أحدها لإعلانها الأكبر بشكل رسمي.
وكشف إئتلاف ‹الوطنية› بزعامة إياد علاوي عن وجود عمليات «بيع وشراء» لنواب في البرلمان من قبل تحالفات وكتل سياسية .
وقال النائب عن الإئتلاف رعد الدهلكي في تصريحات صحفية، إن ظاهرة «بيع وشراء» النواب تصاعدت بين الكتل السياسية والتحالفات، وسمعنا بوجودها وانتشارها في ظل التنافس الحاصل على تكوين الكتلة الأكبر.
وأضاف الدهلكي، أن هذا الصراع يعود إلى رغبة كل الكتل بترشيح رئيس الحكومة وضمان أعلى المناصب في الكابينة الوزارية المقبلة.
وخلال الأيام الماضية تعرضت أغلب الكتل السياسية إلى انشقاقات واسعة في صفوفها أبرزها تحالف ‹النصر› بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وتحالف ‹المحور الوطني› أكبر التكتلات السنية، وأخيراً تحالف القرار العراقي بعد انشقاق المشروع العربي عنه بزعامة خميس الخنجر.
«نواب للبيع» .. صراع مخجل
من جهته، اعتبر نائب رئيس الوزراء السابق سلام الزوبعي أن الصراع الحالي بين الكتل السياسية «مخجل جداً»، في ظل الأوضاع الحالية التي تعيشها محافظة البصرة والمناطق المنكوبة التي دُمرت على يد تنظيم داعش، مؤكداً أهمية البحث عن المصلحة الوطنية والابتعاد عن المصالح الحزبية.
وأضاف الزوبعي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن الكثير من النواب سال لعابهم أمام المغريات المالية التي قدمت لهم، مشيراً إلى أن «بيع» النواب أصبح كالسلع الأخرى.
ولفت إلى أن «النائب الحقيقي لا يمكن أن يرضح إلى الدولارات أو الضغوط التي تمارسها بعض الكتل عليه للانشقاق أو الالتحاق بكتل أخرى، بل النائب الممثل للشعب هو من يثبت على مبدئة أمام هذا السيل الجارف من المكاسب».
ومع غمرة التنافس السياسي أعلن القيادي في تحالف ‹بغداد›، المنضوي ضمن كتلة العبادي، نجم اليعقوب، الثلاثاء، انشقاقه من التحالف الذي يتزعمه السياسي العراقي جمال الكربولي.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن اليعقوب قوله، إنه «قرر الانسحاب من تحالف بغداد، ومن حزب الحل، بقيادة جمال الكربولي، منذ هذه اللحظة»، مشيراً إلى أن «من يريد الاستقلال عليه أن يكون كذلك، ولا ينخرط في صفوف الذين تلطخت سمعتهم بالفساد، أو ساهموا في الأذى والألم للعراقيين».
وألمح اليعقوب في تصريحاته إلى وجود «مساومات كبيرة وإغراءات مالية» تقدم إلى النواب «لشرائهم»، ضمن مختلف المعسكرات الحزبية، ولو لفترة مؤقتة لحين تشكيل الكتلة الأكبر.
مليون دولار .. وسيارة مصفحة
من جهته، كشف عضو البرلمان العراقي عن ‹تيار الحكمة› علي البديري المنضوي ضمن تحالف ‹الاصلاح والاعمار› بزعامة العبادي – الصدر عن «عرض مغرٍ» تلقاه من وزير سابق، من أجل الانتقال إلى كتلة أخرى مقابل مبلغ مالي كبير ، موضحا في تصريحات صحفية أن هذا الوزير عرض عليه مبلغ مليار دينار عراقي (ما يعادل 800 ألف دولار أميركي)، وسيارة مصفحة، ومنزلًا من أجل الانضمام إلى كتلته.
وأضاف أنه تلقى وعوداً أخرى بتسلم وزارة في الحكومة المقبلة، حال قيادته انشقاقًا بخمسة نواب من كتلته والانتقال إلى كتلة الوزير الذي لم يفصح عن اسمه.
وعلى مدار السنوات الماضية كانت الكتل السياسية في البرلمان تتبع أسلوب المساومات والاغراءات وضخ المزيد من الأموال لتحقيق مشاريعها على حساب المصالح العامة سواءً في الاستجوابات أو غلق ملفات الفساد أو عدم التصويت لوزير معين.
وقال المحلل السياسي أحمد الطيب، إن ما يحصل خلف الكواليس السياسية يكشف عمق «الانحطاط» الذي وصل إليه بعض النواب وعدم مراعاتهم القيم الاجتماعية وطبيعة الواقع العراقي، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد والاضطرابات التي تشهدها مدن الجنوب.
وأضاف في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «القوانين العراقية ما زالت غير ملائمة لبناء عملية سياسية صحيحة، تنظم حالات الانتقال من كتلة إلى أخرى، أو من حزب إلى آخر، وهو ما فتح الباب على مصراعية أمام الانشقاقات والقفز من كتلة إلى أخرى بناءً على المصالح الشخصية بعيداً عن هموم المواطنين وتطلعاتهم.
الكورد .. بيضة القبان ومحط الأنظار
وأخفق البرلمان، السبت الماضي، في تسمية الكتلة الأكبر خلال جلسته الأولى، واضطر رئيس السن أن يبقي الجلسة مفتوحة إلى يوم الثلاثاء، لاختيار رئيس للمجلس ونائبيه، لكنه فشل أيضاً.
وتسلم رئيس السن محمد زيني 6 أسماء للترشح لرئاسة المجلس وهم النواب محمد الحلبوسي ومحمد تميم، وطلال الزوبعي، وأسامة النجيفي، واحمد الجبوري، ورشيد العزاوي.
وسادت حالة من الفوضى داخل القاعة الدستورية في مجلس النواب حين أعلنت تحالفات ‹النصر› و‹سائرون› و‹الحكمة› و‹الوطنية›، بالإضافة إلى قوى أخرى، توصلها لاتفاق لتشكيل الكتلة الأكبر التي تضم 180 نائباً، تحت اسم ‹الإصلاح والاعمار› فيما أعلن ائتلاف ‹دولة القانون› بزعامة المالكي تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر تحت عنوان ‹البناء› بمشاركة أكثر من 150 نائباً.
وتنتظر الأوساط السياسية حسم المحكمة الاتحادية لمسألة الكتلة الأكبر، وما إذا كان يمكن تشكيلها بتوقيع رؤساء الكتل فقط، أم بتوقيع نواب الكتل، وهو ما فعله تحالف ‹البناء› بزعامة المالكي.
وبعد انقسام الشيعة إلى محورين، الأول بزعامة الصدر والعبادي والثاني برئاسة المالكي، ضربت الانشقاقات أكبر التحالفات السنية، ‹تحالف المحور› الذي توزع بين الفريقين، بعد أيام على تشكيله، فيما بقيت الأحزاب الكوردية لم تحسم موقفها لغاية الآن بالانضمام إلى أحد المحورين.
وقالت النائبة عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ميادة النجار، إن القوى السياسية الكوردية بانتظار من يوافق على شروطها للانضمام معها.
وأضافت النجار في تصريح صحفي، أن «الحديث عن حسم الحزبين الكورديين وضعهما بشأن الكتلة الأكبر لم يتم حتى الآن»، مبينةً أن «الوفد الكوردي في بغداد لا زال يبحث بشكل جدي مع الأحزاب الفائزة تشكيل الكتلة الأكبر».
إرسال تعليق
إرسال تعليق