علاء هادي الحطاب
يُعرفُ الوصمُ الاجتماعي – بشكلٍ عامٍ – “ بأنه ُاطلاق او الصاق مسميات غير مرغوب فيها بالفرد من جانب الاخرين، على نحو يحرمه التقبل الاجتماعي او تأييد المجتمع له، لانه شخص مختلف عن بقية الأشخاص في المجتمع، ويكمن هذا الاختلاف في خاصية من خصائصه الجسمية او العقلية او النفسية او الاجتماعية، التي تجعله مغتربا عن المجتمع الذي يعيش فيه ومرفوضا منه، مما يجعله يشعر بنقص التوازن النفسي والاجتماعي”، ففي ظل الانتشار الكبير لفايروس كوفيد-19 او ما يعرف بكورونا في العالم وما يؤديه من حجر صحي اجباري، وعزلة عن الناس، وسرعة بعض وفيات حالاته المتقدمة، وعدم وجود لقاح او علاج له حتى الان بات هذا الفايروس يهدد أي انسان على الوجود مهما كان.. اميرا ام فقيرا .. ملكا ام مملوكا.. تاجرا ام عاملا، فهو يطرق الأبواب من دون استئذان، لذا اصبح مجرد ذكر اسمه مبعث قلق كبير، مع ان الحديث عن نسبة الشفاء منه كبيرة مقارنة مع فايروسات أخرى بحسب ما يتحدث ويكتب بذلك مختصون. في العراق – مع الأسف – اصبح هذا الفايروس وصما اجتماعيا يخشاه الجميع لا لكونه فايروسا خطيرا وغير متوفر علاجه – لا -، بل لانه فقط “ وصم اجتماعي” لا غير، لذا شاهدنا حالات كثيرة اخفى بعض المصابين بهذا الفايروس اعلان اصابتهم، مع علمهم ان عدم الإعلان ربما يؤدي الى موتهم بتقادم الأيام والساعات القليلة، فضلا عن إصابة أهلهم وذويهم واحبتهم، بل اكثر من ذلك ففي حالات كثيرة بات الفرد العراقي مرعوبا من ردة فعل الناس المتوقعة إزاء اصابته بهذا الفايروس “ شتگول عني الناس .. بيه كورونا ؟ “ اول ما يفكر به من يفكر باحتمالية اصابته اكثر من خشيته للنتائج الصحية والنفسية جراء اصابته بهذا الفايروس، وفي حالات كثيرة تخفي اسرة المصاب عن اقرب مقربيها خبر الاصابة، بل في اغلب حالات الاشتباه بالاصابة وفي حال تأكدت نتيجة الفحص المختبري سالبة “ أي عدم الإصابة” يسعى المصاب وذووه الى “ الاشهار” والمبالغة في إذاعة خبر عدم الإصابة بعد الاشتباه بها، لا لشيء الا رغبة من ذلك الفرد في عودته الى المجتمع واندماجه في الفعاليات والأنشطة المجتمعية من دون حرج ووجل الاخرين منه. وهذا مؤشر “ صحي واخلاقي وتوعوي “ خطير لما يمر به مجتمعنا، اذ ان القاعدة الصحية والأخلاقية والتوعوية تقتضي الوقوف مع المريض معنويا - لا مخالطته – ومؤازرته ودعمه وبالمقابل توعية المحيطين به والملامسين له بضرورة الاشهار بذلك والملامسين لهم الاشهار أيضا وهكذا يبلغ احدنا الاخر لتجنب استمرار الملامسة ونقل العدوى واتباع الإجراءات الصحية من حجر طوعي او منزلي من دون خجل، لان المصاب بهذا الفايروس غير مختار له بل مجبر ومبتلى به، وفي الغرب نسمع عن شخصيات مهمة ومعروفة من وزراء وفنانين وغيرهم يعلنون اصابتهم حال تأكدت اصابتهم ويذهبون للحجر الصحي وتلقي العلاج، ويعلن الملامسون لهم من اقربائهم واصدقائهم الحجر الطوعي منزليا كان ام غيره، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على وعي صحي ونفسي واجتماعي واخلاقي متقدم في هذه البلدان نحن بأمس الحاجة اليه اليوم، فاذا اردنا ان نتغلب على هذا الفايروس ونمنع انتشاره ليتوقع كل فرد منا مصير الإصابة ويتعامل مع الامر على انه وباء عالمي لا دخل للفرد بانتاجه بل له دور في منع انتشاره واصابة الاخرين به من خلال الإعلان عن الإصابة ودعوة ملامسيه الى الفحص السريع والذهاب طوعا الى الحجر الصحي المنزلي او غيره، فلو فعل كل منا ذلك لاستطعنا الى حد ما السيطرة على انتشار الوباء ورفعنا سقف الوعي الصحي لدى المجتمع... حفظ الله الجميع.
إرسال تعليق
إرسال تعليق