عزالدين المانع
من المعروف إن منافذنا الحدودية تدر موارد مالية كبيرة في كل عام , وتعد واحدة من المصادر الأساسية التي يمكن أن تمول الخزينة المركزية فيما لو توفرت فيها النزاهة واجتثت الأصابع غير النزيهة وهيمنة الكتل المتحاصصة منها .. وإن حجم موارد هذه المنافذ يقدر بحسب ما صرح به رئيس هيئة المنافذ الحدودية أكثر من مرة يقدر بعشرة مليارات دولار , ولكن المتحقق منها فعلا لا يتجاوز حدود المليار الواحد من الدولارات فقط , وأن تسعة مليارات تذهب إلى جيوب الفاسدين والقوى المتنفذة التي تهيمن على معظم هذه المنافذ في المركز وأقليم كردستان .. وإن إجمالي ما يتحقق عبر جميع المنافذ البالغ عددها ( 22 ) منفذا تقدر ب ( 55 ) مليار دولار , ولا يدخل منها إلى خزينة الدولة سوى ( 550 ) مليون دولار فقط , أي بنسبة واحد في المائة من قيمة التبادل التجاري ..
ومن جهة أخرى فإن البلاد تتعرض إلى خسائر مالية كبيرة جدا من خلال المشاريع الوهمية التي لم يتحقق منها مشروع واحد متكامل, وكثرة الفاسدين في مفاصل الدولة .. وهذا ما كشف عنه مصدر سياسي قبل فترة مؤكدا , إن معظم تلك المشاريع المعلن عنها هي عبارة عن وسيلة لسرقة أموال الدولة تحت ذرائع مختلفة .. وقد تم رصد عدة مشاريع في محافظات ديالى وكربلاء والأنبار وبغداد والبصرة وغيرها من المحافظات صرفت عليها أموال طائلة ولم تخرج إلى النور .. وتشير المعلومات الدقيقة إلى أن خسارة العراق تقدر بأكثر من مائتي مليار دولار بسبب هذه المشاريع – الفضائية – للفترة ما بين 2003 و 2013 فقط .. وإن معظم الوزارات والمؤسسات التي تتنافس عليها الكتل السياسية المتحاصصة في البلاد منذ عام 2003 أصبحت عبارة عن مغانم لهذه الأحزاب ومكاسب للشخصيات المتنفذة ..
وليس هذا فحسب , فإن الحكومات المتعاقبة منذ تغيير النظام عام 2003 وحتى الآن زجت البلاد في كمائن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الأوربية , وراحت تقترض منها بشروط وضوابط مهينة لا يمكن الخلاص منها إلا بمعجزة
حقيقية .. ويقدر المعنيون بالشؤون المالية ديون العراق الخارجية ب ( 37 ) مليار دولار بما فيها ديون نادي باريس , وبالتأكيد فأن ما خفي كان أعظم ..
وكان المستشار المالي للحكومة العراقية مظهر محمد صالح قد كشف عن اقتراض حكومة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ( 13 ) مليار دولار .. كما هو حال الحكومات التي تعاقبت على البلاد بعد التغيير ..
وليس أمام الحكومة القادمة – إذا ما شاءت فعلا أن تضع حدا لهذه المآسي والهدر المالي الكبير بغير وجه حق وإنقاذ البلاد من الديون الخارجية – سوى اللجوء إلى حل الخلافات بين المركز والإقليم بصورة شاملة , ووضع الخطط الكفيلة بتجاوز كل السلبيات والثغرات التي ما زال ينفذ من خلالها الفاسدون , وكشف الأسماء والهويات بكل شجاعة وجرأة أمام الرأي العام واجتثاث جميع الثغرات التي تنفذ من خلالها العناصر غير النزيهة التي ما زالت تحتفظ بولائها للأجنبي وتحمل جنسيته ولا تحرص على حماية البلاد من أطماعه وشروره , وهذا بعض ما نتمناه ونرجوه ..
إرسال تعليق
إرسال تعليق