0
(د. سعدي الابراهيم)
قدْ لا يخلو مجتمع في أي دولة من دول العالم من هذه الظاهرة، على اعتبار ان تاريخ المخدرات طويل جدا، وهو نفس تاريخ الانسان على سطح الارض، وكل التغييرات التي طرأت على المخدرات ما هي الا تغيرات شكلية، وبقي جوهرها المتمثل بالتأثير في عقل الأنسان. لكن الدول المستقرة والأكثر تقدما تمكنت من ان تحد منها وتجعلها حالات شاذة يتم التعامل معها عبر القوانين المختصة. أما الدول غير المستقرة والاقل تقدما، فما زالت المخدرات تشكل خطرا على الدولة وعلى المجتمع.
لا يختلف العراق عن بقية الدول غير المتقدمة، فقد باتت مشكلة انتشار المخدرات تشكل خطراً على أمن الفرد والمجتمع معا، وهذه الظاهرة تقف خلفها أسباب متعددة، من الممكن ان نوضحها عبر الآتي:
• الانشغال بمشاكل أخرى :
عانتِ الدولة العراقية منذ عام 2003، من مشاكل كبيرة ومتنوعة، أبرزها المشكلة الأمنية وعدم الاستقرار السياسي . هذه المشاكل ترهق كاهل مؤسسات الدولة وتجعلها غير قادرة على الالتفات الى غيرها، لذلك اهملت ظاهرة انتشار المخدرات حتى تراكمت وصارت انعكاساتها واضحة للجميع.
• ضرب منظومة القيم المجتمعية :
التطورات التقنية وما رافقها من انتقال الثقافات وسيطرة القيم الوافدة وعلوها على القيم المحلية، قد شجع بعض الفئات على تقبل المخدرات واعتبارها وسيلة عادية للترويح عن النفس وإسعادها. حتى طريقة الحصول عليها قد يكون للجانب الالكتروني دور كبير فيها.
• البطالة والتخلف عن الدراسة :
قد تدفع البطالة الإنسان لملء فراغه بأي وسيلة حتى لو كانت ضارة به وبالمجتمع مثل المخدرات. وفي الوقت عينه إن ترك الدراسة وتسكع الشباب دون هدف ودون خارطة طريق، قد ترمي بهم في شرك المحظورات، ومنها المخدرات.
• ضعف السيطرة على الحدود:
ان التوترات التي تمرّ بها المنطقة المحيطة الاقليمية، قد تجعل من بعض الدول تستغل حالة العراق غير المستقرة، لتتخذ منه معبرا لتجارة المخدرات مع الدول الاخرى (ترانزيت).
ولكي تعالج الدولة هذه الظاهرة الخطرة، فهي مطالبة باتخاذ عدة خطوات، ولعل من بينها الآتي :
– تفعيل القانون:
ان هذه الظاهرة تحتاج قبل كل شيء الى تفعيل القوانين الخاصة بمعالجتها، بشرط ان تكون القوانين مستوحاة من الواقع الحالي وليس تكرارا أو استنساخا لظروف اخرى، قد لا تنسجم مع ظروف العراق بعد 2003.
– نشر الوعي والتثقيف:
تسخير وسائل الاتصال الحديثة، لتوعية المجتمع بالأخص الفئات المعرضة لتناول المخدرات، مثل الاحداث والمراهقين، والعمل على تثقيفهم وتوعيتهم لمظاهرها وانعكاساتها التي قد تؤدي بهم الى التهلكة.
– معالجة اسباب الظاهرة والتعاون الدولي:
لا يمكن القضاء على المخدرات من دون القضاء على اسبابها، فضلا عن اهمية التعاون الاقليمي والدولي للحد منها.

إرسال تعليق