احمد الدليمي – مارس / 2023
صورة (نقلها لنا أحدهم) لا تفارق المخيلة إلتقطها الاستاذ الدكتور (صادق الأسود) في محاضرة له أمام طلبة المرحلة الثالثة لقسم العلوم السياسية في كلية القانون والسياسة، قبيل نهاية العقد السابع من القرن العشرين، حينما أفاض مما حمله فكره النير ضمن مادة الاجتماع السياسي، التي تناول فيها موضوع (الواقعة والظاهرة)، وقبل انتهاء تلك المحاضرة أمطر طلبته بعدد من الأسئلة المتلاحقة التي حاول فيها ترسيخ دلالات فكرة الواقعة بما لا يجعلها تختلط مع فكرة الظاهرة، وكان من بين تلك الأسئلة ؛ هل إن الزعامة واقعة أم ظاهرة؟
صورة الزعامة لم تبتعد عن المخيلة، حينما تمثلت صباح يوم السبت في العاصمة العراقية بغداد، بعد انطلاق أعمال الدورة 34 للاتحاد البرلماني العربي، التي تواصلت يومي (25 -26 شباط) الجاري، تحت عنوان “الدعم العربي لتعزيز استقرار العراق وسيادته”، حينما برزت شخصية الإداري الناجح بل القائد الملهم كلا الزعيم الأبرز (دولة محمد ريكان الحلبوسي) رئيس البرلمانين العربي والعراقي، الذي مارس مراحل عملية الاتصال بتقانة ومهنية كبيرة، تلك المراحل التي بدأت بعد أن أدرك بأن واجبه يحتم عليه القيام بتمثيل الرسائل الاتصالية من خلال حواسه من أجل تفسير المضامين التي يراد لها من وراء عقد هذه الدورة البرلمانية، وقد وجدنا صاحب المعالي (الحلبوسي) ينطلق بأسلوبه المتميز لتحويل تلك المعاني إلى رموز لغوية صاغ أفكاره ومشاعره ونواياه من خلالها إلى رسالة اتصالية على شكل رموز لفظية منطوقة ومكتوبة نجح في إيصالها إلى رؤساء وأعضاء الوفود الحاضرين وبقية المتلقين عبر وسائل الإعلام التي تلقفت الرسالة لتضعها ضمن أغراضها المختلفة بصرية ومسموعة كما في الاتصال الذاتي والشخصي.
لقد مارس الاستاذ (محمد الحلبوسي) الوظائف الملقاة على عاتقه التي كان من بينها الوظيفة التثقيفية بهدف تزويد الناس بالمعلومات النافعة لهم المتعلقة بالظروف الاجتماعية والسياسية والبيئية في المجتمعات العربية، فكان له أن ساعد في تحقيق تضامن المجتمعين مع المجتمعات.
لا يمكن أن نتجاهل الوظيفة السياسية التي أجاد ( الحلبوسي ) مفرداتها بمهارة وحرفية حينما أسهم بمزاوجة الاتصال بعملية التثقيف السياسي كونه أحد ركائز السيادة في العراق والمتمثلة بالرئاسات الثلاث، حيث نجده قد وطد العلاقة بين دوره كقائد سياسي وشعبه، مثلما أسهم في تشكيل الرأي العام والرد على الدعاية المغرضة التي تستهدف بلده وأمته ، فيما كانت له مساهمة فعالة في التفاهم العربي بغية الوصول إلى حالة السلم المجتمعي في الدول العربية فضلاً عن السلم العالمي معتمداً على قدراته الشخصية عن طريق الدبلوماسية الواعية والذكية.
لم تغب الوظيفة الفكرية والدينية عن أداء السيد (الحلبوسي) عبر الدور الكبير والفعال الذي أداه في نشر الدعوات الإنسانية والدينية حينما نقل صورة المسؤول المؤمن ضمن أمة مؤمنة وشعب كريم.
صور أخرى لا تقل أهمية تتمثل في المخيال تلك التي تتعلق بالمرحلة التاريخية التي تعيشها الأمة العربية، مرحلة جديدة إتسمت بخصائص نوعية اختلفت في عمق مضمونها، وقوة تأثيرها من موقع لآخر بحكم ظروف محددة اعتمدت على الموقع الجغرافي والإمكانات الاقتصادية والموروث الحضاري، وعوامل أخرى تفاوتت في درجة تأثيرها، بعد أن إستكمل العالم الغربي تطويق أمتنا بقدراته الصناعية، فيما بلغت الرأسمالية بفضل ذلك أعلى مراحلها، حينما دخلت أصقاع ما يعرف بالعالم الثالث، بما في ذلك وطننا العربي.
واليوم نجد حالة النهوض في صورة أخرى تعيشها الأمة ولاسيما في مصر وبلاد الشام والعراق وبقية أرجاء الوطن العربي، حالة نهوض نوعي إنطوت على قدر من إرهاصات النبض الجديد باتجاه الأفضل المتدفق في خضم صراعين: أحدهما داخلي مع قوى تقليدية تمسكت بمواقفها البالية، والآخر خارجي مع قوى توجست الخيفة، وهي على حق من الإنطلاقة النهضوية المتوخاة، التي بدأت تفرض نفسها على الساحة بصعوبة بسبب الضغط المزدوج هذا.
لم يعد أمام الشرفاء من أبناء الأمة إلى النهوض المستعجل وبلورة موقف عبر دعم الزعيم الذي يمكن أن يجسده (الحلبوسي) كونه يتخطى ثقافة العبودية ليصبح الرمز أو المرجع السياسي.
ولا يخفى أن الرمز فلسفياً حالة إيجابية، وتاريخ الأمم يقوم على “الرمزية”، أو ما سمّاه (بيير بورديو) بـالرأسمال الرمزي، أما الزعيم العربي المنتظر، فما علينا إلا مساندته بعقلية الفرسان، التي يتحلى بها الرئيس محمد الحلبوسي.
إرسال تعليق
إرسال تعليق