فوزي محمد الزوبعي
يعد الاستثمار بشكل عام سواء كان في القطاعات الانتاجية والاقتصادية والمعلوماتية والاستخراجية والصناعات الثقيلة او في القطاعات الخدمية من العوامل المهمة لإنهاض اقتصاديات الدول لاسيما الدول المتعثرة في مجالات التقدم الاقتصادي او الدول التي تسعى الى النمو. فالاستثمار لاسيما الاجنبي يوفر رؤوس اموال جيدة فضلاً عن توفير الخبرات البشرية الفنية ذات الخبرة والتخصص في مجالات المشروعات التي تعمل على الاستثمار فيها. ورغم ان للاستثمار الاجنبي العديد من الاوجه السلبية، بفعل قدوم هذه للجهات من اجل تحقيق الربح ليس الا من دون مراعاة المصالح الوطنية للمواطنين وللدولة التي تستثمر فيها ومن دون مراعاة لكثير من الاعتبارات القيمية التي قد يؤمن بها المجتمع المستثمر فيه او غيرها من السلبيات والماخذ التي قد يؤشر على الجهات التي تقف وراء مشروعات الاستثمار. الا ان الاستثمار الاجنبي تتوفر فيه الى حد كبير الكثير من الاوجه الايجابية ايضاً. فغالباً ما تتاح فرص الاستثمارات للجهات الاجنبية في الدول النامية عموماً والدول العربية خصوصاً في المجالات التي عجزت الحكومات عن تحقيق النجاح الاقتصادي فيها او انها فشلت اصلاً في ادارة هذه المشروعات وربما وصلت في كثير من الاحيان الى درجة الاخفاق الكامل في انجاح ادارتها اقتصادياً بفعل مساوئ وسلبيات القطاع العام وتميزه بالبيروقراطية والترهل والسلبية والجمود في كثير من الاحيان بفعل التراتبية التي تحكمه وكثرة حلقات صناعة القرار فيه والروتين القاتل الذي يمتاز فيه والذي يؤدي في معظم الاحيان الى قتل روح الابداع والمبادأة في اتخاذ القرارات وسرعة مسابقة الزمن في مجالات التصنيع والمنافسة مع المنتوجات الاخرى لاسيما الاجنبية منها وقلة الدعم المقدم له. فضلاً عن قائمة طويلة من السلبيات التي يمتاز بها القطاع العام في الدول العربية. في حين ان شروط توفير النجاح لادارة المشروعات الاقتصادية بشكل عام تتطلب سرعة اتخاذ القرارات، البعد عن الترهل الوظيفي، قلة حلقات صناعة القرارات، مراعاة كامل الوقت باقصى ما يمكن، الحرص على الاحتفاظ بالزبائن، الحرص على جذب المزيد من الاستثمارات، الحرص على الاهتمام الشديد بعامل الابداع، فهو من العوامل الضرورية جداً للنجاح والتميز وتوفير المناخ او البيئة الملائمة للنشاطات الاقتصادية سواء من ناحية التشريعات او تقديم التسهيلات او توفير عوامل الامان والثقة للمستثمرين في الحفاظ على رؤوس اموالها او اصوله المشروعات التي قاموا بالاستثمار فيها. وبسبب هذه السلبيات فضلاً عن عوامل اخرى كثيرة تحجم الكثير من الجهات الاجنبية على الاستثمار في الدول العربية وذلك لكثرة المعوقات والتشريعات والاجراءات التي تعيق تسهيل دخولها او اعتقاد هذه الجهات بان البيئة العربية غير مطمئنة بما فيه الكفاية او بسبب مخاوفها من المجازفة وقلة المردودات الناتجة عن مشروعاتها الاستثمارية مقابل دخولها الاسواق العربية. وتعد الدول العربية مجتمعة من اقل مناطق العالم جذباً للاستثمارات الاجنبية وللتدليل على ذلك يشير احد التقارير الاقتصادية الصادرة عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية الى ان حجم تدفقات الاستثمار الاجنبي الوارد الى الدول العربية بلغ (7,8) مليار دولار بنسبة 1٪ من اجمالي التدفقات العالمية الواردة في مجالات الاستثمار والتي تبلغ (5,865) مليار دولار وبنسبة (2,4٪) من اجمالي التدفقات التي حصلت عليها الدول النامية والتي بلغت (6,207) مليار دولار. الامر الذي يشير وبكل وضوح الى مدى قلة الاستثمارات المتجة الى الدول العربية بشكل لافت للنظر بشكل واضح جداً، فهي لا تشكل الا نسبة 1٪ فقط من اجمالي التدفقات العالمية الاستثمارية رغم الفرص الجيدة في بعض الاحيان ووجود الاسواق الكبيرة في الدول العربية فضلاً عن امكانيات الربح الكبيرة لبعض المشروعات الاستثمارية.
إرسال تعليق
إرسال تعليق