اخبار الامس كانت شديد الرعب, فوباء الكورونا مستمر بحصد ارواح البشر, واعداد الاصابات في بغداد تزداد بشكل كبير جدا, مما اعاق تفكيري بالكثير من الامور, ان البشرية في خطر, كل شيء تقريبا توقف, لكن الغريب ان الناس في واد اخر! غير مبالين بالخطر, ويسهمون يوميا في زيادة اعداد الراحلين عن هذه الدنيا العراقية البائسة, قد يروها انها دنيا لا تستحق العيش, فالأحزاب مازالت تسرقنا اموالنا وحياتنا واحلامنا, فلما نهتم بالتعقيم والتباعد الاجتماعي, هذا منطق الاغلبية التي تتحسر على حياة كالموت في عراق الطغاة.
صوت بائع البطيخ المتجول بدد حبل افكاري, "البطيخ بالف دينار.. البطيخ بالف دينار" , لم اجد الا اللحاق به وشراء كمية من البطيخ, على امل ان تكون لذيذة, فالبطيخ كالحظ لا يمكن ان تضمن ما تشتري, وبطيخنا السياسي كان دوما سيئا جدا! ويدلل هذا على غياب الحظ تماما عند انتخاب الساسة.
حتى الحب اصبح مشروعا مؤجلاً الى ما بعد "الكورونا"! قد ذبلت الوعود, ورحلت بعد ان انتهت اعذار الكذب! حيث تحولت قواعد الحب الى امور مادية جدا, فاذا غابت اللقاءات والعزائم مات الحب, بخلاف الحب في العقود السابقة الذي كان اكثر نقاءً, كان يعتمد على رسالة تكتب بخط جميل على ورق مميز, وننتظر اسبوعان ليأتي الرد, الان التكنلوجيا ازاحت تلك الخطوات لتصبح الحبيبة بحضن الحبيب (ضمن العالم الافتراضي)! وفقط بعد يوم او يومان من التعارف, مما جعل العلاقات تصل الى النهايات بسرعة البرق! اهداف الحب اختلفت, كان في السابق هدفه الزواج, اما اليوم فهدفه الترفيه والتفاخر والضحك على الاخر.
علينا ان لا نحزن على من فارقنا تحت شماعة المادة, فلم يكن حباً بل رغبة وقتية, وهذا الفراق الذي حصل لا نعتبره سيئا, بل هو كان في صالحك.
الحب يشبه البطيخ العراقي, فقط في اول الموسم لذيذ وبطعم السكر, لكنه بسرعة يصبح عديم الطعم رخيص الثمن, ولا ينفع لسد الجوع.
الاسبوع الماضي خسرت صديق مقرب, بسبب تصريحي ببغض الاحزاب وكهنتها واصنامها, فقرر ان يحظرني حتى من دون ان يعاتبني, مع ان صدقتنا مر عليها اعوام طويلة, عندها ادركت جيدا ان العلاقات ليست بالمدة انما بالمودة, والمواقف تكشف باطن العلاقات, اعلم جيدا ان كل ضربة تؤلم قلبي تتسبب بتوعية عقلي اكثر, هنا اركز على قضية مهمة وهي: لا يفهم الكثيرون ان التعبير بالرأي يجب ان لا يفسد الود, وان الاختلاف يجب ان يكون رحمة وليس نقمة, لكن التشدد ورفض الاخر هو القيمة الاجتماعية السائدة.
فلسفة البطيخ لا تغادر مخيلتي فها هي تفسر لي طبيعة العلاقات الاجتماعية في العراق, عندما تريد ان تحصل على بطيخة حلوة المذاق عليك ان تجربها, كذلك الصداقة كي تحصل على صديق لا يخذلك في يوم ما, عليك ان تختبر تلك الصداقة, لتعلم مدى نبل الاخر وحقيقة صداقته.
الم اقل لكم ان فلسفة البطيخ العراقي فتح جديد في عالم الحكمة, جربوا الالتزام بقواعدها ولن تندموا.
إرسال تعليق
إرسال تعليق