0


الوسط - متابعة
يخطئ الكثير عندما يعتقدون بأن مجريات الأمور تبقى على حالها، فالتغير هو صفة مستمرة في حياتنا، ومحرك لدفعنا نحو الأفضل، ومقدار ما نستفيد من هذا التغير سنتقدم نحو الأفضل، هذا الأفضل الذي يسعى إليه الجميع ويطمحون للوصول إليه، ولكنهم يبحثون عنه بأقل تكلفة، ودون بذل جهد نحوه، ودون أي مخاطرة لا يحسب لنتائجها، فالإنسان في طبيعته يميل نحو الأمان لا الخوف والقلق.
لقد مر على الإنسان العديد من التغيرات التي أثرت في مجريات حياته، بدءاً بالثورة الصناعية التي جعلت الآلات تخدم الإنسان وتقوم بالكثير من أدواره الرئيسية، ونتجت عنها صناعة القطارات والسيارات والسفن وغيرها من الآلات الصناعية، مروراً بالثورة المعلوماتية الرقمية التي هدفت إلى تحويل العالم إلى قرية صغيرة، ونتجت عنها العديد من التقنيات الرقمية، مثل: الحاسوب ومكوناته، وشبكة المعلومات العالمية (الإنترنت)، والاتصالات ونُظم المعلومات الرقمية، وغيرها من التقنيات الأخرى، وصولاً لعهد الذكاء الصناعي والنظم الخبيرة، والتي نتج عنها العديد من التقنيات، مثل: الروبوت، والأنظمة الذكية، ونظم التعلم العميق Deep Learning ، وإنترنت الأشياء Internet of Things  وغيرها من الأنظمة المعاصرة.وفي حقيقية الأمر، فإن تلك التغيرات حصلت نتيجة نهضة علمية وثورة تقنية ارتبطتا مع بعضهما البعض، ونتيجة لتتابع الاكتشافات، وتطور طرق تحويلها لإنجازات يمكن استخدامها في واقعنا المعاصر، فهنالك فرق شاسع بين الخيال والواقع، وبين الذي نتأمل به وما هو موجود حالياً، ولا يمكن اعتبار أي اكتشاف علمي على أنه إنجاز إلا في حالتين أساسيتين، هما:
  1. إمكانية تحويل الاكتشاف العلمي إلى واقع ملموس وعملي، لا أن يبقى محصوراً في طي صفحات الكتب.
  2. أن يكون هذا الاكتشاف العلمي متداولاً بين الناس، لا أن يبقى محصوراً بين فئة قليلة من مستخدميه، أو في مراكز الأبحاث فقط.
وبالتأمل في مراحل النهضة الثلاث السابقة، نستنتج أن القاسم المشترك بينها هو “التكنولوجيا”، فالتكنولوجيا مصطلح يشير إلى تطبيق العلم وإلى لغة التخطيط والتصميم والإنتاج، فالتكنولوجيا باختصار هي المحرك الأساسي لتطبيق ما ينتجه العلماء والمختصين من معارف نظرية ومعادلات رياضية وقوانين فيزيائية، إلى تطبيقات وتقنيات واقعية ملموسه، تخدم الإنسان، وتساعده على تحقيق إحدى غاياته الأسمى، وهي: عمارة الأرض، وتسهيل حياته ودفعها نحو الأفضل.
وتتنوع أنواع التكنولوجيا، فهنالك: التكنولوجيا الصناعية والحيوية والزراعية والرقمية وغيرها، إلا أننا في هذا المقال سنركز على الجانب الأكثر انتشاراً بين الناس، والأكثر ملامسة لحياتنا اليوم، والأكثر استخداماً وهي التكنولوجيا الرقمية، والتي يتفرع عنها العديد من التقنيات، مثل: الوسائط المتعددة، البرمجيات والتطبيقات، الاتصالات والشبكات، والإلكترونيات وغيرها من التخصصات الأخرى.
وتُعد ” التكنولوجيا الرقمية ” إحدى أهم أشكال التطور التقني الحديث، وباباً واسعاً للعديد من التطبيقات المعاصرة، ويقصد بها: الأجهزة والتقنيات التي تعتمد على لغة الحاسوب (لغة الآلة) للقيام بعملها، ويقصد بكلمة الرقمية استخدامها للرقمين (0، 1) فقط في ترميزها، وقد نتج عنها العديد من التطبيقات القائمة على الجانب البرمجي، مثل: برامج الحاسوب وتطبيقاته (Desktop Application)، وتطبيقات الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وغيرها من التطبيقات الأخرى.
لقد احتوت التكنولوجيا الرقمية الحديثة وما يتفرع عنها من تخصصات جديدة على العديد من المعارف والمصطلحات والمهارات التي شكل تكاملها أبجديات للغة عالمية علمية جديدة مرتبطة بالعديد من التطبيقات الحياتية، فأهمية التكنولوجيا الرقمية تكمن في قيمتها الحياتية الحقيقية لا في ترميزها وتجريدها، ونتيجة لطبيعتها الواقعية ساهمت بإثراء العديد من التخصصات التقليدية، مثل: الرياضيات والعلوم والهندسة وغيرها من التخصصات، مما وفّر بيئة علمية متكاملة، قائمة على تعدد التخصصات، هذا من جانب، ومن جانب آخر الاهتمام بالبيئة المحيطة (الواقعية) لينعكس أثر استخدامها على حياتنا ومجتمعاتنا.
نقلا عن منصة"تعليم جديد"

إرسال تعليق