0




 عبدالعليم البناء
في السابع والعشرين من آذار من كل عام يحتفل المسرحيون في جميع دول العالم باليوم العالمي للمسرح الذي ولد إثر مقترح قدمه رئيس المعهد الفلندي للمسرح الناقد والشاعر والمخرج أرفي كيفيما إلى منظمة اليونسكو في حزيران 1961، وجرى الاحتفال الأول في السابع والعشرين من آذار 1962، في باريس تزامناً مع افتتاح مسرح الأمم.وتم الاتفاق على تقليد سنوي تكتب فيه إحدى الشخصيات المسرحية البارزة في العالم، بتكليف من المعهد الدولي للمسرح، رسالة دولية تترجم إلى أكثر من 20 لغة، وتعمم إلى جميع مسارح العالم، حيث تقرأ خلال الاحتفالات المقامة في هذه المناسبة، وتنشر في وسائل الاعلام.
والمعهدالدولي للمسرح هو مؤسسة عالمية غير حكومية تأسست في عام 1948، وكان مقره مدينة براغ، وأسهمت في تأسيسه شخصيات مسرحية عالمية، ويعد شريك اليونسكو الرئيسي في مجال فنون العرض الحية، ويقع مقره الآن في باريس. ويهدف المعهد إلى تنشيط تبادل المعرفة، والممارسة المسرحية بين دول العالم، وزيادة التعاون بين فناني المسرح، وتعميق التفاهم المتبادل، والإسهام في ترسيخ الصداقة بين الشعوب. كما يحارب كل أشكال التمييز العنصري والسياسي والاجتماعي. وتنبثق عن المعهد مجموعة لجان متخصصة في مجالات مختلفة مثل: المسرح الموسيقي، والكتابة المسرحية، والتربية المسرحية، والصورة الثقافية والتنمية. وللمعهد عدة مكاتب إقليمية في بلدان مختلفة
وكان الكاتب الفرنسي جان كوكتو أول شخصية اختيرت في احتفال العام الأول بباريس. وتوالى على كتابتها، منذ ذلك العام شخصيات مسرحية من مختلف دول العالم، منها: أرثر ميلر، لورنس أوليفيه، بيتر بروك، بابلو نيرودا، موريس بيجارت، يوجين يونسكو، أدوارد ألبي، ميشيل ترمبلي، جان لوي بارو، فاتسلاف هافل، سعد الله ونوس، فيديس فنبوجاتير، فتحية العسال، أريان منوشكين،فيكتور هوجو راسكون باندا،الشيخ سلطان بن محمد القاسمي،روبير لوباج،أوجستوا بوال،جودي دينك،جيسيكا .أ.كاهوا،جون مالكوفيتش،داريو فو،بريت بيلي كريستوف رليكوفيسكي،أناتولي فاسيليف، إيزابيل هابيرت ،رام قوبال ،مايا زينب،سيمون مكبورني ،سابينا بيرمان،ويري ويري لايكنج.
وفي هذا العام كتب رسالة اليوم العالمي للمسرح المخرج الكوبي كارلوس سيلدران الذي أكد فيها جملة من الحقائق المسرحية التي لامناص من ذكرها :" موطن مسرحي و مسرح الممثلين معي هو وطن منسوج من لحظات نتعرى فيها من كل أقنعتنا ، من البلاغة ، نتعرى ربما مما يمكن أن نكون نحن و نمسك بأيدي بعضنا البعض في الظلام .التقليد المسرحي أفقي ، لا يمكن لأحد أن يجزم بأن هناك مركزا عالميا للمسرح في أي مدينة كانت أو في أي صرح متميز كان ، المسرح كما عرفته ينتشر حسب جغرافيا غير مرئية و يختلط مع حياة الذين يمارسونه . الفن المسرحي إيماءة توحد بين الناسكل أساتذة المسرح يحملون معهم إلى قبورهم لحظاتهم التي يتجسد فيها الوضوح و الجمال و التي لا يمكن أن تعاد مرة أخرى ، كل واحد منهم يضمحل بالطريقة نفسها بدون أي رد للاعتبار لحماية عطائهم و تخليدهم".
ولعل الاحتفال هذا العام باليوم العالمي للمسرح في العراق جاء ربما للمرة الاولى محققا لرسالة المسرح كونه انسانيا وكونيا اذ استطاعت دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والاثار أن تجمع على وقع المسرح في مهرجانها (أيام مسرحية عراقية) الذي انطلق في الثالث والعشرين من آذار الحالي وأختتم امس في السابع والعشرين من آذار 2019 عروضا مسرحية عراقية وعربية وشخصيات مسرحية من داخل وخارج العراق فضلا عن جلسات نقدية للعروض المشاركة أدارها وشارك فيها نخبة من كبار نقاد المسرح العراقي وعدد كبير من المعنيين بالمسرح لاسيما من صاغوا وابدعوا عروض المهرجان التي قدمت على خشبات المسرح الوطني والرافدين ومنتدى المسرح ومعهد الفنون الجميلة وغيرها وأضاءت ليالي بغداد بحراك مسرحي غير مسبوق توهجت فيه ابداعات المسرحيين العراقيين والعرب وسط حضور كثيف للجمهور الذي اقبل على مشاهدة العروض والتفاعل مع مبدعيها شكلا ومضمونا في عرس ابداعي امتدت اصداؤه الى خارج القاعات عبر وسائل الاعلام المختلفة التي واكبت فعاليات المهرجان طوال ايامه الخمسة .
ولاب من تقديم الشكر للدكتورة اقبال نعيم التي  قادت – بصمت ودون ضجيج - هذا الحراك الجمالي والابداعي والمعرفي للمسرحيين العراقيين والعرب والاجانب من مسارح العاصمة بغداد دار السلام قلب بلاد الرافدين مهد أولى الحضارات الانسانية التي امتد شعاعها الى البشرية جمعاء علما ونورا ومعرفة.


إرسال تعليق