0

 * عز الدين المانع

لقد كان العراق ولا يزال غنيا بموارده الطبيعية وغزارة ثرواته التي أنعم الله بها عليه .. ولا ندري لماذا قيده المتحاصصون بقروض البنك الدولي وأسقطوه في كمين ضوابطه المذلة والمهينة والتي سوف يتعذر عليه الخلاص منها إلا بعد أن يستنزفه هذا البنك المشؤوم ويمتص رحيق أرضه وعافيته ..
فمن اقسى ضوابطه أن توقف الدولة كل أنواع الدعم الحكومي للمواطنين .. فلا خدمات صحية ولا تعليمية ولا زراعية ولا صناعية ولا سياحية إلا من خلال الخصخصة والاستثمار .. فسرعان ما استنفرت جحافل المستثمرين وبدأت تستحوذ على معظم رياض الأطفال والمدارس الابتدائية والثانويات وتزحف باتجاه الجامعات لتوسع رقعتها وتبتز الأهالي بإجورها الباهضة .. فتقهقرت المؤسسات التعليمية الحكومية بمنشآتها وأثاثها وملاكاتها وكوادرها وأصيبت بالشلل النصفي ولم يبق فيها سوى أبناء الفقراء وذوي الدخل المحدود وهم يفترشون الكرفانات البائسة حتى تضاعف عدد المتسربين والمشردين الذين راحت تقذف بهم ( الخصخصة ) إلى مصير مجهول ..
وهكذا هو حال بقية الخدمات الأساسية الأخرى التي كانت تحظى بدعم الدولة واهتمامها .. ولا شك إن رفع الدعم الحكومي عن مجمل هذه الخدمات يمثل في الواقع نسخة قديمة من وصفات صندوق النقد الدولي التي راحت تنكشف حقيقتها وأهدافها بوضوح كلما تضاعفت الأزمة الاقتصادية في البلاد نتيجة الاستمرار في ملاحقة فلول الدواعش والإرهابيين , وجهل معظم المعنيين في الدولة بأمور الاقتصاد وغياب ولائهم وانتمائهم للبلاد ..
ويؤكد المختصون في شؤون الاقتصاد والاستثمار إن القروض الخارجية بدأت تثقل كاهل العراق وتشدد الخناق عليه إلى أمد طويل , لأن فوائدها واجبة التسديد في مواعيدها , وهو لا يمنح هذه القروض لأية دولة إلا بعد التأكد من قدرتها على تنفيذ ضوابطه وشروطه المعقدة التي تمهد له سبل الانقضاض عليها ما لم تنفذ تلك الضوابط على أرض الواقع بحذافيرها ..
ومن أسوأ ضوابطه أيضا ‘يقاف التعيينات وفرض المزيد من الضرائب على المواطنين وشمول رواتب الموظفين والمتقاعدين بالاستقطاعات الضريبية وتخفيض حجم الرعاية الاجتماعية إلى أدنى حدودها , وها هو يتربص اليوم ليكتم أنفاس ما تبقى من مفردات الحصة التموينية التي كانت تمنح للمواطنين في مواعيدها المحددة وبمفردات ونوعيات أفضل ..
ولا ندري ماذا بعد ؟؟ وكيف ومتى يتمكن العراق من التحرر من قيود هذا ( البعبع ) الدولي , ويسدد قروضه التي فرضت عليه وهو ليس بحاجة لها أصلا لو كان أولياء الأمور قد أحسنوا التدبير ..

إرسال تعليق