محمد السراي
عندما سأل لأديب "طه حسين " عن الاسبقية في تقديم اللغة العامية على اللغة العربية في نص الروايات والقصص كانت اجابته الخوف من تهميش لغة الضاد وضياع حقوقها وغيابها مما ينعكس على ذائقة الجماهير والنزول بهم الى قاع العامية ومفرداتها المستهلكة، مع وجود في تلك الفترة برامج تلفزيونية ذات قيمة معرفية وعلمية هادفة من الاعمال الدرامية والمسرحية الكبيرة ودورها البارز في زيادة الوعي الجمعي للجمهور ليبقى الحال في عالمنا العربي عامتاً العراقي خاصة يشهد صراعا فكريا ايديولوجيا على مر العقود انعكس سلبا على مفهوم السلطة وطبيعة الاسرة وصناعة السلوك و النظام العام في ضل اتساع الازمات الاقتصادية السياسية التي افرغت المواطن من قيمته اتجاه نفسة والأخرين وغيبت مفهوم المواطنة والانتماء فلم يعد المناخ العام صحياً لمن يحاول البحث عن المساحة الكافية للحرية بل شوهت بالمناطقية والقبلية وبعض من الاعراف الخاطئة وممارسات شاذة عابرة للمنطق والثقافة الجمعية والفطرة الانسانية واستمر الحال حتى اصاب المدركات العامة والعمق الفلسفي والحسي للجميع لتلغى القيم وتعنف الاخلاق وتشوه العلاقات وتنحدر دون الممكن ولم ينتهي الموضوع بذلك بل ما يدعوا للريبة البرامج التلفزيونية الحالية الناقمة والمحرضة على اي محاولة للتجديد او التقدم لما فيها من محتوى غير قابل للطرح من مشاجرات وتسقيط ولغة عامية لاتصلح حتى للطرح في مقهى شعبي لاشخاص اوجدتهم الفضائيات ووصفتهم بصانعي الرأي لتغيير قيم المجتمع وضرب تقاليده ونكران تأريخة وطمس معالمه ونوافذه العلمية والفنية البارزة لتخلوا الساحة من المحتوى العلمي والفني ويروج للهبوط والاباحية الفكرية والجسدية وتلميع اسماء حلت بديلاً واصبحت واقعاً يمر بنا يومياً عبر العالم الافتراضي بكل ما يحمل من انحدارات ومفردات وسلوكيات منافية للوعي العام كونه المحتوى الرائج والمدعوم من قبل منصات وتطبيقات متاحة ساهم الجميع في نشره ووجد فيه ما يلبي متطلبات الثقافة السائدة والغرائز المكبوتة سواء كان داعما او ناقم وان كان هنالك من يستحق ان يعاقب فان المجتمع هوة من يشترك في الانحدار نحو العدم بسبب غياب الملهم والعقل المراقب والقانون القيمي وان القضاء على هذه الظاهرة لاياتي عن طريق عقوبات قانونية بالزج في السجون بل في تحرير عقولهم من مخلفات الواقع المجرد وفك عقيود الاعراف والخرافة لكون الثقافة الجمعية تحتاج الى معالجات تبنى عبر مراحل بناء فكري من جهات مختلفة لان العقل الجمعي يبنى في اطر النظام العام والسياسة القائمة الباحثة عن محتوى يقدم للاخرين ما يلهم الغرائز الثقافة والاشباع الفكري وتقديم المعالجات العلمية وتناول الاحاديث والنقاشات حوله ليرتقي بالفكر العام وينضج بوعيه المغمر في صفحات الفراغ اليومي والهلوسة النفسية ومتلازما الطشة ولعنة( الترند) فالجميع ضحايا لواقع اوجدته المفاهيم الحديثة تحت مفهوم العصر الرقمي والتواصل الاجتماعي الذي خلق لنا فئة من المعاقين فكريا والعاطلين نفسيا .
إرسال تعليق
إرسال تعليق