0

زينب فخري
وقفة أخرى مع مواقع التواصل الاجتماعي ومنشوراته التي تثير الأقلام والتقيؤ على حدّ سواء!! 
وبعد تأمّل بسيط لما نشر في يوم الـ 14 تموز، نخلص أنَّ المنشورات كانت على فئتين: الأولى مجَّدت الحكم الملكي وسبّت وشتمت عبد الكريم قاسم والثانية بجَّلت الزعيم عبد الكريم قاسم واطلقت نيران منشوراتها الشتمية على الحكم الملكي!

وكان عذر الفئة الأولى أنَّ العراق شهد في العهد الملكي أعلى مستويات الازدهار الاقتصادي والحضاري والتعليمي وأنَّ إنهاء الحكم الملكي بمجزرة قصر الرحاب عام 1958 هو بداية العصر الدموي في العراق المتزامن مع بداية تأسيس الحكم الجمهوري وهو يمثل خسارة ما بعدها خسارة للعراق.
 فيما أكدت منشورات القوم من الفئة الثانية أنَّ حكم عبد الكريم قاسم هو إنهاء للطبقية والإقطاع والشروع بالاهتمام بطبقة الفقراء والمحرومين من أبناء الشعب.

وأود أن أقول لهؤلاء - الذي بعضهم لم ينهِ دراسته الابتدائية بل لم يكمل لقاحاته بعد- إنَّ كليهما يمثلان حقبة تاريخية من تاريخ العراق المعاصر ومن تاريخ الدولة المدنية، ولكلِّ منهما إنجازات وإخفاقات خضعت لتداعيات تلك الحقبة، وعلى المعنيين بالشأن التاريخي استلهام العبر من هاتين المرحلتين ودراسة التاريخ وفلسفته. 
فأيّها الفيسبوكي والتواصلي الناشط أنَّ شتمك العهد الملكي أو عبد الكريم قاسم لن  يغير من الواقع شيئاً ولن تمحي اسماءهما من تاريخ العراق ولن تقضي على انجازاتهما.
وسأساعدك في ذكر بعض إنجاز المرحلتين:
في العهد الملكي تأسست الدولة العراقية الحديثة فعلياً أي في 23 آب سنة 1921م. ولم يكن في العراق بنى تحتية سوى جسور عائمة تتهالك في كلِّ موسم فيضان ومطبعة حجرية ومستشفى صغير يسمى المجيدية وبناء القشلة وقصر الوالي وسدود ناظم باشا الترابية، لكن النظام الملكي قام على الرغم من قلّة الموارد المالية بالكثير من المشاريع ومع زيادة الموارد النفطية سنة 1950م، أنشأ (مجلس الأعمار)، وكانت نسبة 70% من الموارد النفطية مخصصة لتنفيذ المشاريع الكبرى و30% لتمشية أمور الدولة. وكانت مشاريع الإعمار والبناء الداخلي قائمة على قدم وساق، ومعه تبوَّأ العراق مكانة دولية محترمة على مستوى السياسة الخارجية.
وقد بدأت حكومة الملك فيصل الأوَّل وبمساعدة قوات الاحتلال البريطانية بتأسيس نواة للجيش العراقي وبناء مؤسسات مدنية تخصّ التعليم والقضاء والصحة والادارة والزراعة والري. وقد اعتمد الملك فيصل على نخبة من المدنيين والعسكريين ومجموعة من المثقفين الذين كانوا من بقايا النخبة العراقية العثمانية السابقة التي شاركت في مجلس المبعوثان في الاستانة.
أمَّا الزعيم عبد الكريم قاسم فهو قائد ثورة 1958 ومؤسس النظام الجمهوري في العراق، فقد أنجز بالرغم من فترة حكمه القصيرة (أربع سنوات وستة أشهر وخمسة وعشرين يوماً) أي من 14 /7 / 1958 - 8 / 2 / 1963، الكثير منها: شروعه ببناء المساكن للطبقات الفلاحية الفقيرة التي هاجرت إلى بغداد ومن بينها (الثورة) شرق بغداد، تبنى مشروعاً زراعياً إصلاحياً يقوم على تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين، وفي المجال النفطي أصدر القانون رقم 80 الذي حدَّد بموجبه الاستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة نفط العراق البريطانية لحقول النفط. وفي عهده حدثت طفرة بالمستوى الصحي والتعليمي وشيَّد مستشفيات في محافظات العراق علاوةً على تأسيس مجموعة مستشفيات الجمهورية في جميع المحافظات وببغداد منها: مستشفى مدينة الطب، وتشييد عدداً كبيراً من المدارس وفي جميع أنحاء البلاد. عقد الاتفاقية الأولية لبناء ملعب الشعب الدولي نتيجة اتفاق بين الحكومة العراقية وشركة كولبنكيان البرتغالية، ويعدّ الملعب الرئيسي في العراق، وافتتح في عهد عبد الرحمن عارف. وإنشاء العديد من المصانع والمنشآت والمناطق الصناعية في عموم أنحاء العراق كان ابرزها منشآت الإسكندرية، وإقامة مشاريع بناء الجسور والسدود والمبازل.
لم يُورث عبد الكريم قاسم ولم يترك بعدهُ أي شيء، وليس لديهِ أي أملاك أو عَقارات ولا أموال في المَصارف. ومن العار طمس إنجازاته ومحاكمته بلا شاهد.
لذا أدعوكم إلى مراجعة ما تكتبون لتتسم منشوراتكم بالحيادية والموضوعية والإنسانية، وإذا كنتم لا تعرفون معنى "الحيادية" فاوجه الدعوة لكم ثانية لمراجعة معجم لسان العرب لابن منظور أو تاج العروس للزبيدي، لتعرفوا معنى التحرّي والتقصي والبحث عن المعلومة الصحيحة دون تكرار ما يقوله الغير أو التَّسرّع في التدوين والكتابة؛ لأنَّ التسرّع يؤدي إلى التترّع!!
ملحوظة (يمكنكم مراجعة الكوكل لمعرفة معنى التترّع)!!
17/7/2017

إرسال تعليق